قال المهلب: لما كان للعبد فى عبادة ربه أجر، وكان له فى طاعة سيده ونصحه له أجر أيضًا، لكن لا يقال: إن الأجرين متساويان؛ لأن طاعة الله أوجب من طاعة المخلوقين، وفيه حض المملوك على نصح سيده؛ لأنه راع فى ماله، وهو مسئول عما استرعى، فبان أن أثر نصحه طاعة الله، فلهذا تبين فضل أجره فى طاعة الله على طاعة مولاه. وقوله:(والذى نفسى بيده، لولا الجهاد فى سبيل الله والحج وبر أمى، لأحببت أن أموت وأنا مملوك) ، هو من قول أبى هريرة، وفيه دليل أنه ليس على العبد جهاد ولا حج فى حال العبودية، إلا أن ينزل ببلد عدو، فيلزم الجهاد كل مسلم يكون بتلك البلد، فيجب على العبد منه بقدر طاقته ووسعه، وأما الحج، فإنما لم يجب عليه من أجل أنه غير مالك لنفسه، وليس له أن يخرج عن تصرف سيده وما به الحاجة إليه، وإنما خاطب الله من استطاع إليه سبيلاً، والعبد غير مستطيع، وأما بر الوالدين، فيلزم العبد منه من خفض الجناح، ولين القول والتذلل ما يلزم المسلمين، وأما السعى عليهما بالنفقة والكسوة فلا يلزمه؛ لأنه نفقته وكسوته على مولاه، وكسبه لمولاه، ولا تصرف له فى شىء منه إلا بإذنه.