أجمع العلماء أن من شرط ما لا يجوز فى السنة أنه لا ينفعه شرطه ذلك، وأنه مردود فى بيع كان الشرط، أو عتق، أو غير ذلك من الأحكام؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يخص شيئًا دون غيره، بل عم الأشياء كلها فى حديث بريرة، وقد تقدم اختلافهم فى جواز البيع والشرط فى كتاب البيوع. وقوله:(كل شرط ليس فى كتاب الله) ، معناه فى حكم الله وقضائه من كتابه، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) ، وإجماع الأمة، فهو باطل. وفى حديث بريرة دليل على اكتساب المكاتب المال بالسؤال، وأن ذلك طيب لمولاه، وهذا يرد على من قال، هو قول ابن عمر: ذلك أوساخ الناس؛ لأن ما طاب لبريرة أخذه طاب لسيدها أخذه منها، اعتبارًا باللحم الذى كان عليها صدقة، وللنبى (صلى الله عليه وسلم) هدية، واعتبارًا أيضًا بجواز معاملة الناس للسائل، وقد تأول قوم من العلماء فى قوله:(وفى الرقاب)[التوبة: ٦٠] ، أنه يجوز للمكاتبين أخذ الزكاة المفروضة، فكيف بالتطوع. واتفق مالك، والكوفيون، والشافعى، على جواز كتابة من لا حرفة له ولا مال معه، وقد روى عن مالك كراهة ذلك أيضًا، وكرهه الأوزاعى، وأحمد، وإسحاق، ومما يدل على جواز سعى المكاتب وسؤاله أن بريرة ابتدأت بالسؤال، ولم يقل النبى (صلى الله عليه وسلم) : هل لها مال أو عمل أو كسب، ولو كان واجبًا لسأل عنه ليقع حكمه عليه؛ لأنه بعث معلمًا، عَلَيْهِ السَّلام، وهذا يدل أن من تأول فى قوله تعالى: