فبان بهذا أن سبيل الأئمة القائمين بعد النبى (صلى الله عليه وسلم) بأمر الأمة سبيله، عَلَيْهِ السَّلام، فى أن من أهدى إليه ملك من ملوك أهل الحرب هدية فله قبولها وصرفها حيث ما جعل الله ما حول المسلمين بغير إيجاف منهم عليه بخيل ولا ركاب. وإن كان الذى أهدى إليه وهو منتح مع جيش من المسلمين بعقدة دارهم محاصرًا لهم، فله قبوله وصرفه فيما جعل الله من أموالهم مصروفًا فيما نيل بالقهر والغلبة لهم، وذلك ما أوجفوا عليه بالخيل والركاب، كالذى فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) بأموال قريظة إذ نزلوا على حكم سعد لما نزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه محاصرين لهم. قال المهلب: فى حديث أبى حميد: مكافأة المشرك على هديته؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) أهدى له بردًا. وفيه: جواز تأمير المسلمين المشرك الذمى على قومه لما فى ذلك من طوعهم له وانقيادهم. قال الطبرى: كان صاحب أيلة من أهل الجزية بالصلح الذى جرى بينه وبين النبى (صلى الله عليه وسلم) . قال المهلب: وفيه تولية البحر، وأنه عمل من الأعمال، وفيه جواز نسبة العمل إلى من أمر به؛ لقوله عَلَيْهِ السَّلام:(وكتب له ببحرهم) ، وهو عَلَيْهِ السَّلام لم يكتب كما قال رحم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وإنما أمر بذلك.