عليه وعكفوا على العبادة، فلو كان واجبًا لكان تركه معصية، ولا يجوز أن يفعله الصحابة وهو معصية، وخاصة بكون الرسول (صلى الله عليه وسلم) باقيًا، فلما لم ينقل عنه ولا عن الأئمة بعده النكير على من لم يتزوج، علم أنه غير واجب. فإن قال أهل الظاهر: قد قال معاذ بن جبل: زوجونى لئلا ألقى الله أعزب، وقال عمر لأبى الزوائد: لم لا تتزوج؟ ما يمنعك منه مع علمك بوجوبه إلا عجز أو فجور، قيل: أما معاذ فأراد أن يلقى الله على أكمل أحواله؛ لأن النكاح مندوب إليه، ويحتمل أن يريد عمر بوجوبه وجوب سنة، وهذا أبو الزوائد من الصحابة لم يتزوج. ومن الدليل أنه غير فرض أنه قضاء شهوة، ولم يفرض الله على أحد من خلقه فرضًا هو شهوة لا يخاف مع تركها الهلاك، فإن قالوا: الغذاء هو شهوة، وقد فرض الله إحياء النفوس به، قيل: ليس فى ترك الجماع خوف الهلاك كما فى فقد الغذاء، فهما غير مشتبهين. وإذا كان لا يخاف الهلاك فى فقد الجماع، فالفضل فى الصبر على تركه، إذ الفضل فى ترك اللذات، وفى إجماع الحجة على أن من صبر عن النكاح ولم يقتحم محرمًا بصبره عنه غير حرج ولا آثم أدل دليل على صحة ما قلناه من أن أمر النبى، عَلَيْهِ السَّلام، بالنكاح على الندب لا على الفرض، وهذا قول الطبرى، وابن القصار، وقد تقدم تفسير الباءة والوجاء فى كتاب الصيام.