اتفق أئمة الأمصار على أن رضاع الكبير لا يحرم، وشذ الليث وأهل الظاهر عن الجماعة، وقالوا: إنه يحرم، وذهبوا إلى قول عائشة فى رضاعة سالم مولى أبى حذيفة، وحجة الجماعة قوله تعالى:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)[البقرة: ٢٣٣] ، فأخبر تعالى أن تمام الرضاعة حولان، فعلم أن ما بعد الحولين ليس برضاع، إذ لو كان ما بعده رضاعًا لم يكن كمال الرضاعة حولين، ويشهد لهذا قوله عليه السلام:(إنما الرضاعة من المجاعة) ، وهذا المعنى لا يقع برضاع الكبير، وقد روى هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أم سلمة، عن النبى، عليه السلام، أنه قال:(لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام) . وأما خبر عائشة فى رضاعة سالم، فلا يخلو أن يكون منسوخًا أو خاصًا لسالم وحده، وقد قالت أم سلمة وسائر أزواج النبى (صلى الله عليه وسلم) : كان رضاع سالم خاصًا له؛ وذلك من أجل التبنى الذى انضاف إليه، ولا يوجد هذا فى غيره، وقد نسخ الله التبنى، فلا ينبغى أن يتعلق به حكم، وقوله تعالى:(حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة)[البقرة: ٢٣٣] ، وقوله عليه السلام:(الرضاعة من المجاعة) ، قاطع للخلاف فى هذه المسألة، وما جعله الله حدًا لتمام فلا مزيد لأحد عليه. قال المهلب: وقوله: (انظرن ما إخوانكن) ، أى ما سبب أخوته، فإن حرمة الرضاع إنما هى فى الصغير حين