واختلفوا فى عقد النكاح، هل يصح بلفظ الهبة مثل أن يقول الرجل: قد وهبت لك ابنتى أو وليتى، ويسمى صداقًا أو لم يسم، وهو يريد بذلك النكاح، فقال ابن القاسم: هو عندى جائز كالبيع عند مالك؛ لأن من قال: أهب لك هذه السلعة على أن تعطينى كذا وكذا، فهو بيع. وقال ابن المواز: لم يختلف مالك وأصحابه إذا تزوج على الهبة أنه يفسخ قبل البناء، واختلفوا إذا دخل بها، فقال ابن القاسم وعبد الملك: لا يفسخ ولها صداق المثل، وبهذا قال أبو حنيفة، والثورى. وقال أشهب، وابن عبد الحكم، وابن وهب، وأصبغ: أنه يفسخ وإن دخل. قال أصبغ: لأن فساده فى البضع، وبهذا قال الشافعى، قال: لا يصح النكاح بلفظ الهبة ولا ينعقد عنده إلا بأحد لفظين إما: قد أنكحتك أو زوجتك، وهو قول المغيرة، وابن دينار، وأبى ثور. وحجة من قال: لا يصح بلفظ الهبة، أن الله تعالى جعل انعقاد النكاح بلفظ الهبة خاصًا للنبى، عليه السلام، فلو انعقد نكاح به لم يقع الخصوص، ولما أجمعوا أنه لا تنعقد هبة بلفظ نكاح، كذلك لا ينعقد نكاح بلفظ هبة، وأيضًا فإن الهبة لا تتضمن العوض فوجب ألا ينعقد به النكاح كالإحلال والإباحة. قال ابن القصار: واحتج أهل المقالة الأولى بأن التى وهبت نفسها للنبى، عليه السلام، إنما قصدت بلفظ الهبة التزويج برسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ولم يقل عليه السلام أن النكاح بهذا اللفظ لا ينعقد،