أَبُو بَكْرٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَىَّ إِلا أَنِّى كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) ، وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَبِلْتُهَا. / ٢٠ - وفيه: أُمَّ حَبِيبَةَ بنت أَبِى سفيان، قَالَتْ للنَّبِىّ، عَلَيْهِ السَّلام: إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِى، إِنَّ أَبَاهَا أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ) . وفى حديث عمر من الفقه الرخصة فى أن يعرض الرجل ابنته على الرجل الصالح رغبة فيه، ولا نقيصة عليه فى ذلك. وفيه: أن من عرض عليه ما فيه الرغبة فله النظر والاختيار، وعليه أن يخبر بعد ذلك بما عنده؛ لئلا يمنعها من غيره؛ لقول عثمان بعد ليال: قد بدا لى ألا أتزوج يومى هذا. وفيه: الاعتذار لأن عثمان قال: لا أريد التزويج يومى هذا، ولم يقل أبو بكر: لا أريد التزويج، وقد كان يريده حين قال: لو تركها لنكحتها، ولم يقل: نعم، ولا لا. وفيه: الرخصة أن يجد الرجل على صديقه فى الشىء يسأله، فلا يجيبه إليه ولا يعتذر بما يعذره به؛ لأن النفوس جبلت على ذلك، لاسيما إذا عرض عليه ما فيه الغبطة له. وقوله: وكان وجدى على أبى بكر أشد من وجدى على عثمان، لمعنيين: أحدهما: أن أبا بكر لم يرد عليه الجواب. والثانى: أن أبا بكر أخص بعمر منه بعثمان؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) آخى بين أبى بكر وعمر، فكانت موجدته عليه أكثر لثقته به وإخلاصه له.