وقد فسر مالك هذا الحديث فى الموطأ، فقال: معنى النهى عن ذلك إذا كانت المرأة قد ركنت إليه واتفقا على صداق وتراضيا، فتلك التى نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يخطبها على خطبة أخيه، فأما إذا لم تركن إليه ولم يوافقها، فلا بأس أن يخطبها غيره. قال أبو عبيد: وقول مالك هو عندنا وجه الحديث، وبه يقول أهل المدينة، وأهل العراق، أو أكثرهم، واحتج الشافعى والطحاوى بأن النبى، عليه السلام، أباح الخطبة لأسامة على خطبة معاوية وأبى جهم حين خطبا فاطمة بنت قيس، وكان بينًا أن الحالة التى خطب فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاطمة على أسامة غير الحال التى نهى عن الخطبة فيها حتى تصح معانى الآثار ولا تتضاد. واختلف أصحاب مالك إذا أظهرت الرضا ولم يتفقا على صداق، فقال أكثرهم: لا يخطبها؛ لأنه قد يكون نكاحًا ثابتًا إذا تم الرضا وإن لم يسم الصداق، وهو نكاح التفويض، إلا ابن نافع، فإنه قال: لا بأس أن يخطبها ما لم يتفقا على صداق، والقول الأول أولى. واختلف قول مالك وأصحابه إذا ركن إليها، ثم خطب عليه غيره وتزوجها، فروى عنه أنه يفسخ النكاح قبل الدخول، ولا يفسخ بعد الدخول وبئس ما صنع، وذكر عنه ابن المواز أنه يفسخ النكاح على كل حال، كما يفسخ البيع إذا ساوم على سومه، وهو قول أهل الظاهر، وروى عنه أنه لا يفسخ النكاح أصلاً، وهكذا روى سحنون عن ابن القاسم أنه لا يفسخ النكاح ولا البيع ويؤدب فاعله. وقال الكوفيون والشافعى: لا يفسخ، واحتج ابن القصار