قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ: كُلِى أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِى أَهْلَكِ، قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىْءٍ أَعْطَانِيهِ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِى زَرْعٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ لى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأمِّ زَرْعٍ) . / ٧٩ - وفيه: عَائِشَةَ، كَانَ الْحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِى رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، تَسْمَعُ اللَّهْوَ. قال المهلب: فيه جواز نقل الأخبار عن حسن المعاشرة وضرب الأمثال بها، والتأسى بأهل الإحسان من كل أمة، ألا ترى أن أم زرع أخبرت عن أبى زرع بحسن عشرته، فتمثله النبى، عليه السلام. وفيه: جواز تذكير الرجل امرأته بإحسانه إليها؛ لأنه لما جاز من النساء كفران العشير، جاز تذكيرهن بالإحسان، وفيه فى قصة الحبشة أن تفسير حسن المعاشرة هو الموافقة والمساعدة على الإرادة غير المحرمة، والصبر على أخلاق النساء والصبيان فى غير المحرم من اللهو، وإن كان الصابر كارهًا لما يحبه أهله.