وقد اختلف العلماء فى مرور الجنب فى المسجد، فرخص فيه على، وابن مسعود، وابن عباس، وقال جابر: كان أحدنا يمر فى المسجد وهو جنب. وممن روى عنه إجازة دخوله عابر سبيل: سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، وسعيد بن جبير، وهو قول الشافعى. ورخصت طائفة للجنب أن يدخل المسجد ويقعد فيه، قال زيد بن أسلم: كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحتبون فى المسجد وهم جنب. وكان أحمد بن حنبل يقول: يجلس الجنب فى المسجد ويمر فيه إذا توضأ، ذكره ابن المنذر. وقال مالك والكوفيون: لا يدخل فيه الجنب، ولا عابر سبيل، وروى عن ابن مسعود أيضًا أنه كره ذلك للجنب. وحجة الذين رخصوا فى ذلك قوله تعالى:(لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ)[النساء: ٤٣] . وأن المراد مكان الصلاة، فتقديره: لا تقربوا مكان الصلاة جنبًا إلا عابرى سبيل، قالوا: وقد سمى المسجد باسم الصلاة فى قوله تعالى: (لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ)[الحج: ٤٠] . وحجة الذين منعوا الجنب من دخول المسجد: أن المراد بالآية نفس الصلاة وحملها على مكان الصلاة مجاز، على أنا نحمله على عمومه فنقول: لا تقربوا الصلاة ولا مكانها على هذه الحال إلا أن تكونوا مسافرين فتيمموا واقربوا ذلك، وصلوا، ونكون بهذا أسعد منكم لأن فيه تعظيمًا لحرمة المسجد، ويمكن أن يستدل من هذه