وَقَالَ مَسْرُوقٌ: لا أُبَالِى خَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِائَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِى. قال المؤلف: روى مثل قول مسروق عن عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وعائشة، ومن التابعين عطاء، وسليمان بن يسار، وربيعة، وابن شهاب، كلهم قال: إذا اختارت زوجها فليس بشىء، وهو قول أئمة الفتوى. وروى عن على بن أبى طالب، وزيد بن ثابت: إن اختارت زوجها فواحدة، وهو قول الحسن البصرى، والقول الأول هو الصحيح لحديث عائشة. قال المهلب: والتخيير هو أن يجعل الطلاق إلى المرأة، فإن لم تطلق ما جعل إليها من ذلك، فليس بشىء، وكما أنه إذا جعل طلاق امرأته بيد رجل، فلم يستعمل ما جعل بيده فليس بشىء. وقال ابن المنذر: وحديث عائشة دلالة على أن المخيرة إذا اختارت زوجها لم يكن ذلك طلاقًا، ويدل على أن اختيارها نفسها يوجب الطلاق؛ لأن فى قولها: فاخترناه، فلم يكن طلاقًا دلالة على أنهن لو اخترن أنفسهن كان ذلك طلاقًا، ويدل على معنى ثالث وهو أن المخيرة إذا اختارت نفسها، فهى تطليقة يملك زوجها رجعتها، إذ غير جائز أن يطلق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بخلاف أمر الله. واختلف العلماء إذا خيرها فاختارت نفسها، فروى عن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، أنها واحدة رجعية، وبه قال ابن أبى ليلى، والثورى، والشافعى، وفيها قول ثان: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، روى هذا عن على بن أبى طالب، وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، وقالت طائفة: إن اختارت نفسها فقد طلقت ثلاثًا، روى ذلك عن زيد بن ثابت، وعن الحسن البصرى، وهو قول مالك، والليث، والفرق بين التخيير والتمليك عند مالك أن قول الرجل: قد ملكتك، أى قد