قال ابن المنذر: ومن حجة أهل المقالة الأولى ما رواه ابن أبى ذئب عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لا طلاق قبل نكاح) . قال ابن المنذر: وحجة أخرى وهو أنه لما أجمعوا أن من باع سلعة لا يملكها ثم ملكها أن البيع غير لازم له، فكذلك إذا طلق امرأة ثم تزوجها أن الطلاق غير لازم له. واحتج الكوفيون بما رواه مالك فى الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وابن مسعود، وسالم، والقاسم، وفقهاء المدينة أنهم كانوا يقولون: إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل أن ينكحها، ثم أتم، أن ذلك لازم له إذا نكحها، وتأولوا قوله:(لا طلاق قبل نكاح) ، أن يقول الرجل: امرأة فلان طالق، أو عبد فلان حر، وهذا ليس بشىء، وأما أن يقول: إن تزوجت فلانة فهى طالق، فإنما طلقها حين تزوجها وكذلك فى الحرية يريد إن اشتريتك فأنت حرة. قالوا: ومثله (لا نذر لابن آدم فيما لا يملك) ؛ لأنه يحتمل أن يلزمه فيه النذر إذا ملكه، قالوا: وأيضًا فقد جاء الحديث: (لا طلاق إلا بعد نكاح) ، وليس فيه لا عقد طلاق، وهو الذى أجزناه وشبهه لعلة الاحتباس أنه يجوز فيها الصدقة من قبل أن تخلق فى ملكه. واحتج الأبهرى لقول مالك، فقال: إذا سمى امرأة أو قبيلة أو بلدة، فإنه يلزمه عقد الطلاق؛ لأنه ليس بعاص فى هذا العقد، وكل من عقد عقدًا ليس بعاص فيه، فالعقد له لازم وعليه الوفاء به؛ لقوله تعالى:(أوفوا بالعقود)[المائدة: ١] ، وقوله تعالى:(يوفون بالنذر)[الإنسان: ٧] ،