وقول قتادة: فإذا طلق فى نفسه فليس بشىء، هو قول جماعة أئمة الفتوى، واختلف فيه قول مالك، فذكر عنه ابن المواز أن من عقد طلاقًا بقلبه ولم يلفظ به لسانه فإنه لا يقع، وهذا الأظهر من مذهبه، وروى عنه أشهب فى العتبية أنها تطلق عليه، وهذا قول ابن سيرين وابن شهاب، وقال ابن سيرين: إذا طلق فى نفسه أليس قد علمه الله تعالى، وحجة الجماعة قوله:(إن الله تجاوز عن أمتى ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم) ، فجعل ما لم ينطق به اللسان لغوًا لا حكم له، حتى إذا تكلم به يقع الجزاء عليه ويلزم المتكلم. وقال ابن المنذر: وكذلك قوله: (الأعمال بالنيات) ، فجعل الأعمال مقرونة بالنيات، ولو كان حكم من أضمر فى نفسه شيئًا حكم المتكلم، كان حكم من حدث نفسه فى الصلاة بشىء متكلمًا، وفى إجماعهم على أن ذلك ليس بكلام مع قوله، عليه السلام:(من صلى صلاة لا يحدث فيها نفسه غفر له) ، دليل على أن حديث النفس لا يقوم مقام الكلام، وأجمعوا أن من حدث نفسه بالقذف غير قاذف، وكذلك اختلفوا فيمن كتب إلى امرأته بالطلاق من غير لفظ به، فأوجب قوم الطلاق بالكتابة، هذا قول النخعى، والشعبى، والحكم، والزهرى، ومحمد بن الحسن، واحتج الزهرى فى أن الكتاب كلام بقوله:(فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا)[مريم: ١١] ، قال: كتب لهم، وهو قول أحمد بن حنبل إذا كتب طلاق امرأته بيده فقد لزمه؛ لأنه عمل بيده. وقالت طائفة: إن أنفذ الكتاب إليها نفذ الطلاق، روى ذلك عن