قال المهلب: إنما حاول البخارى بإدخال حديث المسور فى هذا الباب أن يجعل قول النبى (صلى الله عليه وسلم) : (فلا آذن) خلعًا، ولا يقوى هذا المعنى؛ لأنه قال فى الحديث:(إلا أن يريد ابن أبى طالب أن يطلق ابنتى) ، فدل على الطلاق، فإن أراد أن يستدل من دليل الطلاق على الخلع، فهو دليل على دليل، وذلك ضعيف، وإنما فيه الشقاق والإشارة بالطلاق من خوفه، وفيه الحكم بقطع الذرائع؛ لأنه تعالى أمر ببعثه الحكمين عند خوف الشقاق قبل وقوعه. وأجمع العلماء أن المخاطب بقوله تعالى:(وإن خفتم شقاق بينهما)[النساء: ٣] الحكام والأمراء، وأن قوله:(إن يريدا إصلاحًا يوفق الله بينهما)[النساء: ٣] ، يعنى الحكمين، وأن الحكمين لا يكونان إلا أحدهما من أهل الرجل، والثانى من أهل المرأة إلا أن يوجد من أهلهما من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما، وأن الحكمين إذا اختلفا لم ينفذ قولهما، وأن قولهما نافذ فى الجمع بينهما بغير توكيل من الزوجين. واختلفوا فى الفرقة بينهما هل تحتاج إلى توكيل من الزوجين أم لا؟ فقال مالك، والأوزاعى، وإسحاق: يجوز قولهما فى الفرقة والاجتماع بغير توكيل من الزوجين ولا إذن منهما فى ذلك، روى هذا عن عثمان، وعلى بن أبى طالب، وابن عباس، وعن الشعبى، والنخعى. وقال الكوفيون والشافعى: ليس لهما أن يفرقا إلا أن يجعل الزوج إليهما التفريق، وهو قول عطاء، والحسن، وبه قال أبو ثور، وأحمد. واحتج أبو حنيفة بقول على للزوج: لا تبرح حتى ترضى بما رضيت به، فدل أن مذهبه لا يفرقان إلا برضا الزوج، قالوا: والأصل