وقالت طائفة: بيعها طلاق لها، روى ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس، وأبى بن كعب، ومن التابعين سعيد بن المسيب، والحسن، ومجاهد، واحتجوا بقوله:(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم)[النساء: ٢٤] ، قال: فحرم الله علينا المزوجات من النساء، إلا إذا ملكتهن أيماننا فهن حلال لنا؛ لأن البيع لها حدوث ملك فيها، فوجب أن يرتفع حكم النكاح، ويبطل دليله الأمة المسبية ذات الزوج. وحجة الجماعة أن بيعها ليس بطلاق لها، أن بريرة عتقت فخيرت فى زوجها، فلو كان طلاقها يقع ببيعها لم يخبرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك عند العتق ويقول لها: (إن شئت أقمت تحته) ، وأيضًا فإن هذا عقد على منفعة، فوجب ألا يبطله بيع الرقبة، دليله إذا باع رقبة مستأجرة؛ لأن النكاح عقد على منفعة والإجارة كذلك، ثم إن البيع لا يبطل الإجارة كذلك لا يبطل النكاح، وأيضًا فإن انتقال ملك رقبة أحد الزوجين من مالك إلى مالك، فوجب ألا يبطل النكاح، دليله إذا بيع الزوج، ولما لم يمنع ملك البائع صحة النكاح كان ملك المبتاع مثله؛ لأنه يقوم مقامه وهو فرع منه. فإن قالوا: إن الأمة الحربية إذا كانت مزوجة، فإنها إذا استرقت تنتقل من ملك إلى ملك، ومع هذا ينفسخ النكاح عندكم. فالجواب: إن قلنا: لا ينفسخ على إحدى الروايتين كالحربية إذا سبيت سقط سؤالهم، وإن قلنا: ينفسخ على الرواية الأخرى، فالفرق بينهما أن الحربى لا يملك، وإنما له شبهة ملك، فإذا سبيت ملكها المسبى ملكًا صحيحًا، فليس تنتقل من ملك صحيح، وليست كذلك مسألتنا، ولا حجة لهم فى الآية أنها نزلت فى سبى أوطاس خاصة،