جائز ابتداء العقد عليها، فكذلك لا يجوز التمسك بها؛ لأن ما لا يجوز ابتداء العقد عليه لا يجوز التمسك به إذا طرأ على النكاح، وذهب مالك إلى أنه إن أسلمت الوثنية قبل زوجها، فإن أسلم فى عدتها فهو أحق بها، وعند الكوفيين يعرض على الزوج الإسلام فى الوقت كما يعرض على المرأة إذا أسلمت، ولم يراعوا انقضاء عدة فيها. واحتج مالك فى اعتبار العدة فى إسلام المرأة قبل زوجها بما رواه فى الموطأ عن ابن شهاب أنه قال: لم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوجها كافر مقيم بدار الحرب، إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرًا قبل أن تنقضى عدتها، فهذا من جهة الأثر. وأما من جهة القياس، فإن إسلامه بمنزلة الارتجاع، فلما كان له الارتجاع فى الطلاق، فكذلك إذا أسلم؛ لأن إسلامه فعلة والرجعة فعلة، فاشتبها لهذه العلة. ولم تجب عند الكوفيين مراعاة العدة؛ لأن العدة إنما تكون فى طلاق، والكفر فرق بينهما وفسخ نكاحهما كالمرتد، ولم يعلموا الآثار التى عند أهل المدينة فى اعتبار العدة إذا أسلمت المرأة قبل زوجها. قال ابن المنذر: واحتج أهل المقالة الأولى فى أن النكاح يفسخ بالإسلام إذا أسلم بقوله تعالى: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر)[الممتحنة: ١٠] ، قالوا: فكل امرأة لا يجوز للمسلم ابتداء عقد نكاحها، فلا يجوز له أن يتمسك بذلك النكاح، ولا يرجع إليه فى عدة ولا غير عدة إلا بنكاح مستأنف؛ لأن الله إنما حرم على المشركين نكاح المسلمات، ونهى المسلمين عن نكاح المشركات، فكان ابتداؤه فى معنى استدامته.