للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المهلب: هذا يدل على أن الجنابة إذا لم تكن عينًا فى الأجسام، فإن المؤمن حينئذ طاهر الأعضاء، بحال ما المؤمنون عليه من التطهر والنظافة لأعضائهم، بخلاف ما عليه المشركون من ترك التحفظ من النجاسات والأقذار، فحملت كل طائفة على خلقها وعادتها، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة: ٢٨] تغليبًا للحال، وقد قيل فى قوله الله: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ (ليس بمعنى نجاسة الأعضاء، لكن بمعنى نجاسة الأفعال، والكراهة لهم، والإبعاد عما قد بَيَّن الله من بقعة أو كتاب أو رجل صالح، ولا خلاف بين الفقهاء فى طهارة عرق الجنب والحائض. قال ابن المنذر: وكذلك عرق اليهودى، والنصرانى، والمجوسى عندى طاهر. وقال غيره: لما أباح الله نكاح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من ضاجعهن، وأجمعت الأمة على أنه لا غسل عليه من الكتابية إلا كما عليه من المسلمة، دل ذلك على أن ابن آدم ليس بنجس فى ذاته، ما لم تعرض له نجاسة تحل به. وقوله: تمت فانبخست منه -، وهكذا وقعت هذه اللفظة تمت فانبخست منه - بالخاء، وفى بعض النسخ لابن السكن تمت فانبجست منه - بالجيم، وأما بالخاء فلا أعرف له معنى، وأما بالجيم فيحتمل أن يكون من قوله تعالى: (فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) [الأعراف: ١٦] أى انفجرت وجرت، والأشبه أن يكون فانخسنت منه، قال صاحب العين: يقال: خنس من بين القوم يخنس خنوسًا: إذا انقبض، وخنوس الكواكب اختفاؤها.

<<  <  ج: ص:  >  >>