فإن قيل: قد روى عن عمر وعثمان أنهما أهدرا دمه، قيل: إن صح عنهما ذلك فإنما أهدرا دمه؛ لأن البينة قامت عندهما بصحة ما ادعى القاتل على الذى قتله، وسيأتى بيان ما للعلماء فى هذه المسألة فى كتاب الحدود، إن شاء الله. وفيه: أن التلاعن لا يكون إلا عند السلطان، أو عند من استخلفه من الحكام، وهذا إجماع من العلماء. وفى قول عويمر: أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، دليل أن اللعان بين كل زوجين؛ لأنه لم يُخَص رجل من رجل، ولا امرأة من امرأة، وكذلك قوله تعالى:(والذين يرمون أزواجهم)[النور: ٦] ، ولم يخص زوجًا من زوج، ففى هذا حجة لمالك والشافعى أن العبد بمنزلة الحر فى قذفه ولعانه، غير أنه لا حد على من قذف مملوكته؛ لقوله تعالى:(والذين يرمون المحصنات)[النور: ٤] ، وهن الحرائر المسلمات، والأمة المسلمة والحرة اليهودية أو النصرانية تلاعن الحر المسلم، وكذلك العبد وإن تزوج الحرة المسلمة والأمة المسلمة أو الحرة اليهودية أو النصرانية لاعنها، وبه قال الشافعى، وقال أبو حنيفة والثورى: إذا كان أحد الزوجين مملوكًا أو ذميًا أو كانت المرأة ممن لا يجب على قاذفها الحد، فلا لعان بينهما إذا قذفها. واختلف العلماء فى صفة الرمى الذى يوجب اللعان بين الزوجين، فقال مالك فى المشهور عنه: إن اللعان لا يكون حتى يقول الرجل لامرأته: رأيتها تزنى أو ينفى حملاً بها أو ولدًا منها، وحديث سهل هذا وإن لم يكن فيه تصريح بالرؤية، فإنه قد جاء التصريح بذلك فى حديث ابن عباس وغيره فى قصة هلال بن أمية أنه وجد مع امرأته