من سرائر الناس، ولكنه كان لا يأخذ أحدًا إلا بما ظهر من أمره، وتبين للناس منه. ولذلك كان يقبل ظاهر ما يبديه المنفقون ولا يأخذهم بما يبطنون مع علمه بكذبهم، وكان يجعل لهم بظاهر ما يظهرونه، من الإقرار بتصديقه والإيمان بما جاء به من عند الله، حكم الله فى المناكحة والموارثة والصلاة عليهم إذا ماتوا، وغير ذلك من الأمور، فكذلك الواجب على كل ذى سلطان أن يعمل فى رعيته مثل الذى عمل به النبى، عليه السلام، فيمن وصفت ممن كان يظهر قولاً وفعلاً، من أخذه بما يظهر من القول والفعل دون أخذه بالظنون والتهم التى يجوز أن تكون حقًا ويجوز أن تكون باطلاً. قال المهلب: وفيه من الفقه أن الحاكم إذا حكم بالبينة المنصوصة، ثم تبين له بدليل غير ما ظهر إليه فيما حكم به، أنه لا يرد ما حكم فيه إلا بالنص لا بما قام له من الدليل، ألا ترى أنه بعد أن جاءت به على المكروه لم يحدها، وكذلك قام له الدليل من الشبه فى ابن وليدة زمعة، فلم يقض به لسعد بن أبى وقاص، ولكن أمر سودة بنت زمعة بالاحتجاب منه، فحكم للشبه فى عين الحكم المنصوص أولا، ولم يعرض لحكم الله بفسخ من أجل الدليل. وفيه من الفقه: أن من اقتطع شيئًا من الحقوق بيمين كاذبة أن الله يلعنه ويغضب عليه كما جاء فى الحديث، ألا ترى أنه قام الدليل على كذب المرأة بعد يمينها بوضعها الصفة المكروهة، فكان ذلك هتك سترها فى الدنيا وفضيحتها بين قومها التى منها فرت، وهذا من العقوبات فى الدنيا، فكيف فى الآخرة؟