قال ابن المنذر: وفى إجماعهم أن زوجة الملاعن لا تحل له بعد زوج إذا لم يكذب نفسه، دليل بين أن النكاح لو لم يكن منفسخًا باللعان، لكان طلاق العجلانى يقع عليها، وكانت تحل له بعد النكاح. وذكر جمهور العلماء أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدًا، وإن أكذب نفسه جلد الحد ولحق به الولد ولم ترجع إليه أبدًا. قال مالك: وعلى هذا السنة التى لا شك فيها ولا اختلاف، ذكر ابن المنذر، عن عطاء، أن الملاعن إذا أكذب نفسه بعد اللعان لم يحد. وقال: قد تفرقا بلعنة من الله. وقال أبو حنيفة ومحمد: إذا أكذب نفسه جلد الحد ولحق به الولد، وكان خاطبًا من الخطاب إن شاء، وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن، وسعيد بن جبير، وحجة هؤلاء الإجماع على أنه إن أكذب نفسه جلد الحد ولحق به الولد، قالوا: فيعود النكاح حلالاً كما عاد الولد؛ لأنه لا فرق بين شىء من ذلك. وحجة الجماعة فى أنهما لا يجتمعان أبدًا أن النبى (صلى الله عليه وسلم) فرق بين المتلاعنين، وقال: لا سبيل لك عليها، ولم يقل له: إلا أن تكذب نفسك، فكان كالتحريم المؤبد فى الأمهات ومن ذكر معهن، وهذا شأن كل تحريم مطلق التأبيد، ألا ترى أن المطلق ثلاثًا لما لم يكن تحريمه تأبيدًا أوقع فيه الشرط بنكاح زوج غيره، ولو قال: فإن طلقها فلا تحل له، لكان تحريمًا مطلقًا لا تحل له أبدًا، وقد أطلق النبى (صلى الله عليه وسلم) التحريم فى الملاعنة، ولم يضمنه بوقت، فهو مؤبد، فإن أكذب نفسه لحق به الولد؛ لأنه حق جحده ثم عاد إلى الإقرار به، وليس كذلك النكاح؛ لأنه حق ثبت عليه بقوله:(لا سبيل لك عليها) ، فلا يتهيأ له إبطاله، وقد