قال:(لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن)[الطلاق: ١] ، يريد فى العدة. فكانت المرأة إذا طلقها زوجها اثنتين للسنة ثم راجعها كما أمره الله، ثم طلقها أخرى للسنة حرمت عليه، ووجب عليها العدة التى جعل لها فيها السكنى، وأمرها فيها أن لا تخرج، وأمر الزوج أن لا يخرجها، ولم يفرق الله بين هذه المطلقة للسنة التى لا رجعة فيها، وبين المطلقة للسنة التى عليها الرجعة. فلما جاءت فاطمة بنت قيس، فروت عن النبى (صلى الله عليه وسلم) إنما السكنى والنفقة لمن كانت عليها الرجعة، خالفت بذلك كتاب الله نصًا؛ لأن كتاب الله قد جعل السكنى لمن لا رجعة عليها، وخالفت سنة النبى (صلى الله عليه وسلم) ؛ لأن عمر قد روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) خلاف ما روت، فخرج المعنى الذى منه أنكر عمر عليها ما أنكر خروجًا صحيحًا، وبطل حديث فاطمة، فلم يجب العمل به أصلاً لما بينا. قال الكوفيون: إن السكنى تتبع النفقة، وتجب بوجوبها، وتسقط بسقوطها، فقال لهم أصحاب مالك: السكنى التى فى حال الزوجية هى تتبع النفقة من أجل التمكن من الاستمتاع، فلا يجوز أن تسقط إحداهما وتجب الأخرى، والسكنى التى بعد البينونة حق الله، فلا تتبعها النفقة، ألا ترى أنهما لو اتفقا على سقوطها لم يجز أن تعتد فى غير منزل الزوج الذى طلق فيه، وفى الزوجية يجوز أن ينقلها إلى حيث شاء، وبعد الطلاق ليس كذلك. وقال الذين منعوا السكنى والنفقة وأخذوا بحديث فاطمة: إن عمر إنما أنكر عليها لأنها خالفت عنده كتاب الله، يريد قوله:(أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم)[الطلاق: ٦] ، وهذا إنما هو فى المطلقة الرجعية،