وقال عكرمة: كان ابن عباس يقرأ بقراءة أبى بن كعب: إلا أن تفحش عليكم. وروى الحارث بن أبى أسامة، عن يزيد بن هارون، عن عمرو بن ميمون بن مهران، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، أن فاطمة استطالت على أحمائها وآذتهم بلسانها. وروى عن ابن عمر، أنه قال: خروجهن من بيوتهن فاحشة، وهو قول الشعبى، وروى عن ابن عباس:(إلا أن يأتين بفاحشة مبينة)[الطلاق: ١] ، قال: الزنا، قال: فإذا زنت أخرجت فأقيم عليها الحد، وهو قول زيد بن أسلم. قال إسماعيل بن إسحاق: ذهب كل واحد من هؤلاء إلى غير مذهب صاحبه، غير أنه إذا قيل: فاحشة مبينة، دل أنه شىء يكون بعضه أبين من بعض، وأما الزنا وغيره من الحدود، فإنما هو حد محدود إذا بلغه الإنسان كان زانيًا، وأما غير ذلك من الشر الذى يقع بين الرجل وامرأته، فإن بعضه أكثر من بعض، ونحتاج فيه إلى اجتهاد الرأى، فإن كان شرًا لا يطمع فى صلاحه بينهم انتقلت المرأة إلى مسكن غيره، وأما الزنا فليس فيه اجتهاد رأى. وأما من قال: إن خروجها فاحشة، فهو جائز فى كلام العرب، غير أن الأظهر أن خروجها غير الفاحشة، والله أعلم بما أراد من ذلك، وليس يمكن للإنسان أن يوجب قولاً يزعم أنه الصواب دون غيره، وإن كان ما حكى من قراءة أبى بن كعب محفوظًا فهو حجة قوية. وما رواه البخارى، عن عائشة أنها كانت فى مكان وحش، فخيف عليها، فيشبه قول مالك وغيره فى البدوية المعتدة أنها تتبوأ مع أهلها