قال المهلب: فى حديث ابن عمر من الفقه جواز الاحتيال على المستترين بالفسق، وجحود الحقوق، بأن يختفى عليهم حتى يسمع منهم ما يستترون به من الحق ويحكم به عليهم، ولكن بعد أن يفهم عنهم فهمًا حسنًا؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (لو تركته بين) . وهذا حجة لمالك، وكذلك فى حديث رفاعة جواز الشهادة على غير الحاضر من وراء الباب والستر؛ لأن خالد بن سعيد سمع قول امرأة رفاعة عند النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو من وراء الباب، ثم أنكره عليها بحضرة النبى (صلى الله عليه وسلم) وأبى بكر حين دخل إليهما، ولم ينكر ذلك عليه. قال الأبهرى: ومن الحجة لمالك أيضًا فى جواز شهادة المختبئ أن المعرفة بصوت زيد تقع كما تقع بشخصه، وذلك إذا كان قد عرف صوته وتكرر، فجاز له أن يشهد، كما يجوز للأعمى أن يشهد على الصوت الذى يسمعه إذا عرفه. قال المهلب: وفيه إنكار الهجر من القول، إلا أن يكون فى حق لابد له من البيان عند الحاكم فى الحكم بين الزوجين، فحينئذ يجوز أن يتكلم به. قال غيره: وقول الشعبى وغيره: السمع شهادة. قد فسره ابن أبى ليلى قال: السمع سمعان إذا قال: سمعت فلانًا يقر على نفسه بكذا أجزته، وإذا قال: سمعت فلانًا يقول: سمعت فلانًا. لم أجزه. وهذا مذهب مالك وأحمد وإسحاق والجمهور، وليس معنى قولهم: إن السمع شهادة أن شهادة المختبئ جائزة؛ لأن القائلين ذلك لا يجيزونها. قال ابن المنذر: قال النخعى والشعبى: السمع شهادة وأبيا أن يجيزا شهادة المختبئ.