ابن المنذر عطاء، واختلف فيه عن سعيد ابن المسيب، وهو قول مالك والشافعى وأحمد وإسحاق وأبى ثور وأبى عبيد. وممن قال: إن شهادة القاذف لا تجوز أبدًا وإن تاب: شريح، والحسن، والنخعى، وسعيد ابن جبير، وهو قول الثورى، والكوفيين، وقالوا: توبته فيما بينه وبين الله قال: وأما المحدود فى الزنا والسرقة والخمر إذا تابوا قبلت شهادتهم. واحتج الكوفيون فى رد شهادة القاذف بعموم قوله:(ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا)[النور: ٤] ، وقالوا: إن الاستثناء فى قوله: (إلا الذين تابوا)[النور: ٥] راجع إلى الفسق خاصة لا إلى قبول الشهادة. وقال آخرون: الاستثناء راجع إلى الفسق والشهادة جميعًا إلا أن يفرق بين ذلك بخبر يجب التسليم له، وإذا قبل الكوفيون شهادة الزانى والقاتل والمحدود فى الخمر إذا تابوا، أو المشرك إذا أسلم وقاطع الطريق، ثم لا تقبل شهادة من شهد بالزنا فلم تتم الشهادة فجعل قاذفًا، وأجمعت الأمة أن التوبة تمحو الكفر، فوجب أن يكون ما دون الكفر أولى، وقد قال الشعبى: يقبل الله توبته ولا تقبلون شهادته. واحتجوا بأن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، جلد الذين قذفوا المغيرة واستتابهم وقال: من تاب قبلت شهادته. وكان هذا بحضرة جماعة الصحابة من غير نكير، ولو كان تأويل الآية ما تأوّله الكوفيون لم يجز أن يذهب علم ذلك عن الصحابة، ولقالوا لعمر: لا يجوز قبول توبة القاذف أبدًا. ولم يسعهم السكوت عن القضاء بتحريف تأويل الكتاب، فسقط قولهم.