قال المؤلف: إنما يلزم الحاكم أن يسأل المدعى: هل لك بينة؟ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) جعل البينة على المدعى، وأجمعت الأمة على القول بذلك، وأنه لا تقبل دعوى أحد على أحد دون بينة. وقال المهلب: معنى سؤال الحاكم المدعى البينة قبل اليمين، خوفًا أن يحلف له المطلوب، ثم يأتى بعد ذلك المدعى ببينة فيأخذ منه حقه؛ فيحصل المطلوب تحت يمين كاذبة غموس يستحق بها عقاب الله، إن شاء أن ينفذ عليه الوعيد، ثم يؤخذ المال منه له كالظلم، فإذا سأله: هل لك بينة؟ فقال: لا. لم يكن له الرجوع عليه ببينة إلا أن يحلف أنه ما علم بها يوم قال: لا، وسيأتى بعد. واختلف العلماء فى المدعى يثبت البينة على ما يدعيه هل للحاكم أن يستحلفه مع بينته أم لا؟ فكان شريح وإبراهيم النخعى يريان أن يستحلف مع بينته أنها شهدت بحق، وقد روى ابن أبى ليلى، عن الحكم، عن حنش أن عليا استحلف عبيد الله بن الحر مع بينته، وهو قول الأوزاعى والحسن بن حى، وقال إسحاق: إذا استراب الحاكم أوجب ذلك، وذهب مالك والكوفيون، والشافعى وأحمد إلى أنه لا يمين عليه، والحجة لهم قوله، عليه السلام، للأشعث:(ألك بينة؟) ، ولم يقل له: وتحلف معه، فلم يوجب على المدعى غير البينة، وأيضًا قوله:(والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء. . .)[النور: ٤] الآية، فأبرأه الله من الجلد بإقامة أربعة شهداء من غير يمين.