وأما احتجاج ابن شبرمة على أبى الزناد فى إبطال الحكم باليمين مع الشاهد، فإن العلماء اختلفوا فيه، فممن وافق ابن شبرمة فى ذلك: ابن أبى ليلى، وعطاء، والنخعى، والشعبى، والكوفيون، والأوزاعى قالوا: لا يجوز القضاء باليمين مع الشاهد. قال محمد ابن الحسن: وإن حكم قاض بذلك نقض حكمه، وهو بدعة. قالوا: وقال ابن شهاب: إنه بدعة، أول ما حكم به معاوية، وهو قول الزهرى، والليث. وروى عن أبى بكر الصديق وعمر وعلى وأبى بن كعب أنه يحكم باليمين مع الشاهد، وهو قول الفقهاء السبعة المدنيين وربيعة وأبى الزناد، وقال به من أهل العراق: الحسن البصرى وعبد الله بن عتبة وإياس بن معاوية. قال مالك والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور والحكم به فى الأموال عندهم خاصة، وأجمعوا أنه لا يجب حد بيمين وشاهد. واحتج الكوفيون فقالوا: الحكم باليمين مع الشاهد خلاف القرآن والسنة؛ لقوله تعالى:(واستشهدوا شهيدين من رجالكم)[البقرة: ٢٨٢] ، وقوله:(شاهداكم أو يمينه) فيقال لهم: ليس بخلاف للقرآن والسنة كما توهمتموه، وإنما هو زيادة كنكاح المرأة على عمتها وخالتها مع قوله تعالى:(وأحل لكم ما وراء ذلكم)[النساء: ٢٤] ، ومثل المسح على الخفين مع ما نزل به القرآن من غسل الرجلين ومسحهما، فكذلك ما قضى به النبى (صلى الله عليه وسلم) لعبد الله مع اليمين مع الشاهد مع قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم)[البقرة: ٢٨٢] .