للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سماعًا فاشيًا يدله على الحقيقة. هذا قول كافة العلماء، وكذلك ينهض الإمام إلى العقارات والأرضين المتشاح فى قسمتها فيعاين ذلك. وقال عطاء: لا يحل للإمام إذا تبين له القضاء أن يصلح بين الخصوم وإنما يسعه ذلك فى الأموال المشكلة، فأما إذا استنارت الحجة لأحد الخصمين على الآخر، وتبين للحاكم موضع الظالم من المظلوم فلا يسعه أن يحملها على الصلح. وبه قال أبو عبيد. وقال الشافعى: يأمرهما بالصلح، ويؤخر الحكم بينهما يومًا أو يومين، فإن لم يجتمعا لم يكن له ترديدهما وأنفذ الحكم بينهما، والحكم قبل البيان ظلم، والحبس للحكم بعد البيان ظلم. وقال الكوفيون: إن طمع القاضى أن يصطلح الخصمان فلا بأس أن يرددهما ولا ينفذ الحكم بينهما لعلهما يصطلحان، ولا يردهم أكثر من مرة أو مرتين إن طمع فى الصلح بينهم، فإن لم يطمع فيه أنفذ القضاء بينهم. واحتجوا بما روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بين الناس الضغائن. وأما مسير النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى عبد الله بن أبىّ، فإنما فعل ذلك أول قدومه المدينة؛ ليدعوه إلى الإسلام؛ إذ التبليغ فرض عليه، وكان يرجو أن يسلم من وراءه بإسلامه لرياسته فى قومه، وقد كان أهل المدينة عزموا أن يتوجوه بتاج الإمارة، وكذلك قال سعد بن عبادة للنبى (صلى الله عليه وسلم) أنه صنع ما صنع عن التوقف عن الإسلام ما كانوا عزموا عليه من توليته الإمارة، حتى بعث الله نبيه فأبطل الباطل وصدع بالحق وبلغ الدين. وفيه من الفقه: أن الإمام إذا مضى إلى موضع فيه أعداء له أن

<<  <  ج: ص:  >  >>