رد الغنم والجارية اللذين أخذا بالباطل، وقد نهى الله عباده عن ذلك فقال:(ولا تأكلو أموالكم بينكم بالباطل)[البقرة: ١٨٨] ولم يجز هذا الصلح؛ لاشتراء حدود الله ببعض عرض الدنيا، وحدود الله لا تسقط ولا تباع ولا تشترى، وأجمع العلماء أنه لا يجوز الصلح المنعقد على غير السنة وأنه منتقض، ألا ترى أنه رد الغنم والوليدة وألزم ابنه من الحد ما ألزمه الله، فقال:(من أحدث فى أمرنا ما ليس منه فهو رد) وبذلك كتب عمر بن الخطاب إلى أبى موسى الأشعرى فى رسالته إليه يعلمه القضاء فقال: والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالا. وذهب مالك وابن القاسم إلى أن الصلح كالبيع، لايجوز فيه المكروه ولا الغرر. وذكر ابن حبيب عن مطرف قال: كل ما وقع به الصلاح من الأشياء المكروهة التى ليست بحرام صراح فالصلح بها جائز. قال ابن الماجشون: إن عثر عليه بحدثانه فسخ، وإن طال أمر مضى. وقال أصبغ: إن وقع الصلح بالحرام والمكروه مضى ولم يرد، وإن عثر عليه بحدثان ذلك؛ لأنه كالهبة، ألا ترى أنه لو صالح من دعواه تنتقض لم يكن فيه شفعة؛ لأنه كالهبة، وقد حدثنا سفيان بن عيينة أن على بن أبى طالب أتى بصلح فقرأه فقال: هذا حرام، ولولا أنه صلح لفسخته. قال ابن حبيب: وقول مطرف وابن الماجشون أحب إلىّ، لموافقته قوله فى الحديث:(إلاصلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالا) .