للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدوا التى نقضت تسعين من مائة ثم ابعثوا حكمًا بالعدل حكامًا فاستثنى تسعين من مائة، فكذا إذا أقر الرجل فقال: لفلان عندى ألف إلا تسعمائة وخمسين لزمه خمسون. أو قال: له عندى مائة إلا تسعين. فهو جائز على ما أنشد الفراء، واحتج له ابن القصار فقال: حجة من أجازه أن حقيقة الاستثناء هو إخراج بعض ما اشتمل عليه اللفظ؛ فإن جميع ما يقتضيه اللفظ ليس بمراد، فإذا كان الاستثناء هذا معناه فقد يكون المراد إخراج الأول، وقد يكون إخراج الأكثر، فإذا جاز إخراج الأقل جاز إخراج الأكثر. وقال عبد الملك بن الماجشون: لا يجوز استثناء الكثير من القليل. وحكى أنه مذهب البصريين من أهل اللغة. وإلى هذا ذهب البخارى فى هذا الباب، ولذلك أدخل قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة) فاستثنى القليل من الكثير. واحتج ابن قتيبة لذلك فقال: لا يجوز عندى فى اللغة استثناء الكثير من القليل؛ لأن تأسيس الاستثناء على تدارك قليل من كثير كأنك أغفلته أو نسيته لقلته، ثم تداركت بالاستثناء، ولأن الشىء قد ينقص نقصانًا يسيرًا فلا يزول عنه اسم الشىء بنقصان القليل، فإذا نقص أكثره زال عنه الاسم، ألا ترى أنك لو قلت: صمت هذا الشهر إلا تسعة وعشرين يومًا. أحال لأنه صام يومًا، واليوم لا يسمى شهرًا، ومما يزيد فى وضوح هذا أنه يجوز لك أن تقول: صمت الشهر كله إلا يومًا واحدًا. فتؤكد الشهر وتستقصى عدده بكل ولا يجوز: صمت الشهر كله إلا تسعة وعشرين يومًا. وتقول: لقيت القوم جميعًا إلا واحدًا أو اثنين. ولا تقول: القوم جميعًا إلا أكثرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>