فى وجوب الوصية على من خلّف مالا فقالت طائفة: الوصية واجبة على ظاهر الآية. قال الزهرى: جعل الله الوصية حقا مما قل أو كثر. قيل لأبى مجلز: على كل مثر وصية؟ قال: كل من ترك خيرًا. وقالت طائفة: ليست الوصية واجبة كان الموصى موسرًا أو فقيرًا. هذا قول النخعى والشعبى، وهو قول مالك والثورى والشافعى. قال الشافعى: قوله: (ما حق امرئ مسلم) يحتمل ما الجزم، ويحتمل ما المعروف فى الأخلاق إلا هذا من جهة الفرض. وقال أبو ثور: ليست الوصية واجبة إلا على رجل عليه دين أو عنده مال قوم؛ فواجب عليه أن يكتب وصيته ويخبر بما عليه؛ لأن الله فرض أداء الأمانات إلى أهلها، فمن لا حق عليه ولا أمانة قبله؛ فليس عليه أن يوصى، والدليل على صحة هذا قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ما حق امرئ مسلم) فأضاف الحق إليه كقوله: هذا حق زيد. فلا ينبغى أن يتركه، فإذا تركه لم يلزمه. وقد روى أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (ما حق امرئ يريد الوصية) فعلق ذلك بإرادة الموصى، ولو كانت واجبة لم يعلقها بإرادته، ومما يدل على ذلك أيضًا أن ابن عمر روى الحديث عن النبى (صلى الله عليه وسلم) ولم يوص، ومحال أن يخالف ما رواه لو كان واجبًا، ولكنه عقل منه الاستحباب، وروى عن ابن عباس وابن عمر أن قوله تعالى:(كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت)[البقرة: ١٨٠] نسختها آية المواريث وهو قول مالك والشافعى وجماعة. وقوله (صلى الله عليه وسلم) : (يبيت ليلتين إلا ووصيته كتوبة عنده) فيه من