وقالت فرقة: هى من جميع المال كأفعاله وهو صحيح. وهذا القول لم نعلم أحدًا من المتقدمين قاله، وأظنه قول أهل الظاهر إذا قبضت هبة المريض وعطاياه فهى فى رأس ماله؛ لأن ما قبض قبل الموت ليس بوصية، وإنما الوصية ما يستحق بموت الموصى، وسواء قبضت عند جماعة الفقهاء أو لم تقبض؛ هى من الثلث. قال الطحاوى: وحديث عائشة أن أباها نحلها جداد عشرين وسقًا بالغابة فلما مرض قال: لو كنت حزتيه لكان لك، وإنما هو اليوم مال وإرث. فأخبر الصديق أنها لو كانت قبضته فى الصحة تم لها ملكه، وأنها لا تستطيع قبضه فى المرض قبضًا يتم لها ملكه، وفعل ذلك غير جائز كما لا تجوز الوصية لها به، ولم تنكر ذلك عائشة على أبى بكر ولا سائر الصحابة، فدل أن مذهبهم جميعًا كان فيه مثل مذهبه، وفى هذا أعظم الحجة على من خالف قول جماعة العلماء. وكذلك فعل النبى (صلى الله عليه وسلم) فى الذى أعتق ستة أعبد له عند الموت لا مال له غيرهم، فأقرع النبى (صلى الله عليه وسلم) بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة، فجعل العتاق فى المرض من الثلث، فكذلك الهبات والصدقات؛ لأنها كلها سواء فى تفويت المال. وقوله:(خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس) والعالة: جمع عائل: وهو الفقير الذى لا شىء له، ومنه قوله:(ووجدك عائلا فأغنى)[الضحى: ٨] ويتكففون الناس: يبسطون أكفهم لمسألتهم. قال صاحب العين: استكف السائل: بسط كفه.