قال: إذا أقر المريض لوارثه بدين نظر، فإن كان لا يتهم فيه قبل إقراره، مثل أن يكون له بنت وابن عم فيقر لابن عمه بدين فإنه يقبل إقراره، ولو كان إقراره لبنته لم يقبل؛ لأنه يهتم فى أنه يزيد ابنته على حقها من الميراث وينقص ابن عمه، ولا يتهم فى أن يفضل ابن عمه على ابنته. قال: ويجوز إقراره لزوجته فى مرضه إذا كان له ولد منها أو من غيرها، فإن كان يعرف منه انقطاع إليها ومودة، وقد كان الذى بينه وبين ولده متفاقمًا ولعل لها الولد الصغير منه فلا يجوز إقراره لها. واحتج من أبطل إقرار المريض للوارث بأن الوصية للوارث لما لم تجز فكذلك الإقرار فى المرض، ويتهم المريض فى إقراره بالدين للوارث؛ لأنه أراد بذلك الوصية. واحتج من أجاز ذلك بقول الحسن: إن أحق ما تصدق به الرجل آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة؛ لأنه فى حال يرد على الله، فهو فى حالة يتجنب المعصية والظلم ما لا يتجنبه فى حال الصحة، والتهمة منتفية عنه، وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الظن وقال: (إنه أكذب الحديث) وقال: (آية المنافق إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان) وقد أجمع العلماء على أنه إذا أوصى رجل لوارثه بوصية وأقر له بدين فى صحته ثم رجع عنه؛ أن رجوعه عن الوصية جائز، ولا يقبل رجوعه عن الإقرار. ولا خلاف أن المريض لو أقر بوارث لصح إقراره، وذلك يتضمن الإقرار بالمال وشىء آخر وهو النسب والولاية، فإذا أقر بمال فهو أولى أن يصح، وهذا معنى صحيح. وقد تناقض أبو حنيفة فى استحسانه