ذكر إسماعيل بن إسحاق بإسناده عن على بن أبى طالب قال:(تعدون الوصية قبل الدين، وقد قضى محمد أن الدين قبل الوصية) والأمة مجمعة على هذا. قال إسماعيل: وليس يوجب تبدية اللفظ بالوصية قبل الدين أن تكون مبداة على الدين، وإنما يوجب الكلام أن يكون الدين والوصية تخرجان قبل قسم الميراث؛ لأنه لما قيل من بعد كذا وكذا علم أنه من بعد هذين الصنفين قال الله:(ولا تطع منهم آثمًا أو كفورًا)[الإنسان: ٢٤] ، أى لا تطع أحدًا من هذين الصنفين، وقد يقول الرجل: مررت بفلان وفلان فيجوز أن يكون الذى بدأ بتسميته مر به أخيرًا ويجوز أن يكون مر به أولا؛ لأنه ليس فى اللفظ ما يوجب تبدئة الذى سمى أولا. قال تعالى:(يا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين)[آل عمران: ٤٣] ، ففهم إنما أمرت بذلك كله، ولم يجب أن يكون السجود قبل الركوع، ولو قال: مررت بفلان ففلان أو مررت بفلان ثم فلان لوجب أن يكون الذى بدأ بتسميته هو الذى مر به أولا، فلما قال تعالى:(من بعد وصية يوصى بها أو دين)[النساء: ١١] وجب أن تكون قسمة المواريث التى فرض الله بعد الدين والوصية ولم يكن فى القرآن تبدئة أحدهما على الآخر باللفظ المنصوص، ولكن فهم بالسنُّة التى مضت، والمعنى أن الدين قبل الوصية؛ لأن الوصية إنما هى تطوع يتطوع بها الموصى وأداء الدين فرض عليه، فعلم أن الفرض أولى من التطوع. قال المهلب: وإنما أدخل حديث حكيم فى هذا الباب؛ لأنه جعله