للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمرن: ٩٢] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِى إِلَىَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فَقَالَ: بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، أَوْ رَايِحٌ، شَكَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّى أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِى الأقْرَبِينَ، قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِى أَقَارِبِهِ وَفِى بَنِى عَمِّهِ) . / ٢٩ - وفيه: ابْنِ عَبَّاسٍ (أَنَّ رَجُلا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : إِنَّ أُمَّهُ تُوُفِّيَتْ، أَيَنْفَعُهَا إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ لِى مِخْرَافًا وَأُشْهِدُكَ أَنِّى قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا) . قال المهلب: إذا لم يبين الحدود فى الوقف فإنما يجوز إذا كان للأرض اسم معلوم يقع عليها وتتعين به، كما كان بيرحاء معينًا، وكما كان المخراف معينًا عند من أشهده، وعلى هذا الوجه تصح الترجمة، وأما إذا لم يكن الوقف معينًا وكانت له مخاريف وأموال كثيرة، فلا يجوز الوقف إلا بالتحديد والتعيين، ولا خلاف فى هذا. وفيه: أن لفظ الصدقة يخرج الشىء المتصدق به عن ملك الذى يملكه قبل أن يتصدق به، ولا رجوع له فيه، وهو حجة لمالك فى إجازته للموهوب له، وللمتصدق عليه المطالبة بالصدقة وإن لم يحزها حتى يحوزها، وتصح له ما دام المتصدق والواهب حيا، بخلاف ما ذهب إليه الكوفيون والشافعى أن اللفظ بالصدقة والهبة لا يوجب شيئًا لمعين وغيره حتى تقبض، وليس للموهوب له ولا للمتصدق عليه المطالبة بها على ما تقدم فى كتاب الهبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>