والمشربة أنه كان له بواب، فدل حديث أنس أنه (صلى الله عليه وسلم) إذا لم يكن على شغل من أهله ولا انفراد لشىء من أمره أنه كان يرفع حجابه بينه وبين الناس ويبرز لطالبيه وذوى الحاجة إليه؛ لأن الله قد كان أمنه أن يغتال أو يهاج أو تطلب غرته فيقتل، قال تعالى:(والله يعصمك من الناس)[المائدة: ٦٧] وقد أراد عمر بن عبد العزيز أن يسلك هذه الطريقة تواضعًا لله فمنع الشرط والبوابين فتكاثر الناس تكاثرًا اضطره إلى الشرط فقال: لابد للسلطان من وزعة. قال الطبرى: دل حديث عمر حين استأذن له الأسود على النبى (صلى الله عليه وسلم) فى المشربة أنه فى وقت خلوته وشغله بنفسه فيما لابد له منه كان يتخذ بوابًا؛ ليعلم من قصده أنه خال فيما لابد له منه، ولولا ذلك لم يكن لعمر حاجة إلى مسألة الأسود للاستئذان له على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؛ بل كان يكون هو المستأذن لنفسه فبان بحديث عمر أن معنى رواية من روى عنه أنه لم يكن له بواب يريد فى الأوقات التى كان يظهر فيها للناس ويبرز إليهم، وأما فى وقت حاجته وخلوته فلا. وعلى هذا النحو من فعله (صلى الله عليه وسلم) فى اتخاذه البواب، ورفعه الحجاب والبواب عن بابه وبروزه لطالبه كان احتجاب من احتجب من اللأئمة واتخاذ من اتخذ البواب وظهور من ظهر للناس منهم. وروى شعبة، عن أبى عمران الجونى، عن عبد الله بن الصامت أن أبا ذر لما قدم على عثمان قال:(يا أمير المؤمنين، افتح الباب يدخل الناس) فدل هذا الحديث عن عثمان أنه كان يبرز أحيانًا، ويظهر لأهل الحاجة، ويحتجب أحيانًا فى أوقات حاجاته، ونظير ذلك كان يفعل عمر بن عبد العزيز. روى عن جرير، عن مغيرة،