طريقه الأخبار ولم يكن طريقه الشهادة، وقد استدل قوم بهذا الحديث فى أن الإمام إذا بعث رجلا ينفذ أحكامه أنه ينفذه من غير إعذار إلى المحكوم عليه؛ لأنه لم ينقل فى الأخبار أن أنيسًا أعذر إلى المرأة المدعى عليها الزنا، وهذا ليس بشىء؛ لأن الإعذار إنما يصح فيما كان فى الحكم بالبينات، ولابد فى ذلك من الإعذار إلى المحكوم عليه، وما كان الحكم فيه من جهة الإقرار فللرسول أن ينفذه بإقرار المقر، ولا إعذار فيه، وإنما اختلف العلماء هل يحتاج وكيل الحاكم إلى أن يحضر من يسمع ذلك من المقر أم لا؟ على حسب اختلافهم فى الحاكم هل يحتاج إلى مثل ذلك أم لا؟ وأصل الإعذار فى كتاب الله قوله تعالى:(تمتعوا فى دراكم ثلاثة أيام)[هود: ٦٥] وفى قوله: (إن موعدهم الصبح)[هود: ٨١] . وفى هذا الحديث حجة لمن قال: إن القاضى يجوز أن يحكم على الرجل بإقراره دون بينة تشهد عنده بذلك الإقرار، وهو قول ابن أبى ليلى وأبى حنيفة وأبى يوسف، وقال مالك: لا يقضى على الرجل بإقراره حتى تشهد عنده بينة بذلك. وهو قول محمد بن الحسن، واحتج الطحاوى بقوله:(واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها) ولم يقل له: فإن اعترفت فأشهد عليها حتى يكون حجة لك بعد موتها. قال: وقد قتل معاذ وأبو موسى مرتدا وهما واليان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) على اليمن ولم يشهدا عليه. واختلفوا إذا قال القاضى: قد حكمت على هذا الرجل بالرجم فارجم. فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا قال ذلك، وسعك أن ترجمه