تلزمه فى القياس؛ لأنه قد تقدم أنه يصبر على قتل ابنه أو أبيه أو ذى رحمه ولا يشرب الخمر ولا يأكل الميتة، فعلى هذا ينبغى أن يلزمه كل ما عقد على نفسه من عقد، ولا يجوز له القيام فى شىء منها كما لم يجز له شرب الخمر وأكل الميتة فى دفع القتل عن أبيه أو ابنه وذى رحمه. ثم ناقض هذا المعنى بقوله: ولكنا نستحسن ونقول: البيع وكل عقد فى ذلك باطل. فاستحسن بطلان البيع وكل ما عقده على نفسه، وجعل له القيام فيه بعد أن تقدم من قوله: أن البيع والإقرار والهبة تلزمه فى القياس ولا يجوز له القيام فيها، واستحسانه كقول أشهب، وقياسه كقول ابن القاسم المتقدمين. وقول البخارى: فرقوا بين كل ذى رحم محرم وغيره بغير كتاب ولا سنة، يريد أن مذهب أبى حنيفة فى ذوى الأرحام بخلاف مذهبه فى الأجنبيين، فلو قيل لرجل: لنقتلن هذا الرجل الأجنبى أو لتبيعن عبدك أو تقر بدين أو هبة ففعل ذلك لينجيه من القتل لزمه جميع ما عقد على نفسه من ذلك ولم يكن له فيها قيام. ولو قيل له ذلك فى ذوى محارمه لم يلزمه ما عقد على نفسه من ذلك فى استحسانه. وعند البخارى ذوو الأرحام والأجنبيون سواء فى أنه لا يلزمه ما عقد على نفسه فى تخليص الأجنبى؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم) : (المسلم أخو المسلم) والمراد بذلك أخوة الإسلام لا أخوة النسب، ولقول إبراهيم فى سارة:(هذه أختى) وإنما كانت أخته فى الإسلام، فأخوة الإسلام توجب على المسلم حماية أخيه المسلم والدفع عنه، ولا يلزمه ما عقد على نفسه فى ذلك من بيع ولا هبة، وله القيام فيها متى أحب، ووسعه شرب الخمر وأكل الميتة، ولا إثم عليه فى ذلك ولا حد، كما لو قيل له: لتفعلن هذه الأشياء أو لنقتلنك، وسعه فى نفسه إتيانها ولا يلزمه حكمها حرى أن يسعه ذلك فى حماية أبيه وأخيه فى النسب وذوى محارمه ولا يلزمه ما عقد على نفسه من بيع ولا هبة ولا فرق بينهما. اختلف العلماء فى يمين المكره، فذهب الكوفيون إلى أنه يحنث، وذهب مالك إلى أن كل من أكره على يمين بوعيد أو سجن أو