والحجة للجمهور أن الفراش وإن كان يقع على الزوج فإنه يقع على الزوجة أيضًا؛ لأن كل واحد منهما فراش صاحبه حكى ابن الأعرابى أن الفراش عند العرب يعبر به عن الزوج وعن المرأة، وهى الفراش المعروف، فمن ادعى أن المراد به الرجل دون المرأة فعليه الدليل. والفراش فى هذا الحديث إنما هو كناية عن حالة الافتراش والمرأة مشبهة بالفراش؛ لأنها تفترش، فكأن النبى (صلى الله عليه وسلم) أعلمنا أن الولد لهذه الحال التى فيها الافتراش فمتى لم يمكن حصول هذه الحال لم يلحق الولد، فمعنى قوله:(الولد للفراش) أى لصاحب الفراش. وما ذهب إليه أبو حنيفة خلاف ما أجرى الله به العادة من أن الولد إنما يكون من ماء الرجل وماء المرأة، كما أجرى الله تعالى العادة أن المرأة لا تحمل وتضع فى أقل من ستة أشهر فمتى وضعته لأقل من ستة أشهر لم يلحق به؛ لأنها وضعته لمدة لا يمكن أن يكون فى مثلها، وأما الأمة عند مالك والشافعى فإنها تصير فراشًا لسيدها بوطئه لها أو بإقراره بوطئها وبهذا حكم عمر بن الخطاب وهو قول ابن عمر، فمتى أتت بولد لستة أشهر من يوم وطئها ثبت نسبه منه، وصارت به أم ولد له وله أن ينفيه إذا ادعى الاستبراء ولا تكون فراشًا بنفس الملك دون الوطء عند مالك والشافعى. وقال أبو حنيفة: لا تكون فراشًا بالوطء ولا بالإقرار بالوطء أصلا فلو وطئها مائة سنة وأقر بوطئها فأتت بولد لم يلحقه وكان مملوكًا له وأمة مملوكة، وإنما يلحقه ولدها إذا أقر به وله أن ينفيه بمجرد قوله ولا يحتاج أن تدعى الاستبراء.