وفيها قول آخر روى عن عمر بن الخطاب أن ولاءه للذى التقطه، وعن شريح مثله، وبه قال إسحاق بن راهويه. وفيها قول آخر روى عن على بن أبى طالب أن المنبوذ حر فإن أحب أن يوالى الذى التقطه والاه وإن أحب أن يوالى غيره والاه. وبهذا قال عطاء وابن شهاب، وقال أبو حنيفة: له أن ينتقل بولائه حيث شاء لمن يعقل عنه الذى والاه جناية فإن عقل عنه لم يكن له أن ينتقل بولائه عنه ويرثه. واحتج إسحاق بحديث سفيان أبى جميلة عن عمر أنه قال له فى المنبوذ: اذهب فهو حر ولك ولاؤه. قال ابن المنذر: أبو جميلة مجهول لا يعرف له خبر غير هذا الحديث. وحمل أهل المقالة الأولى قول عمر (لك ولاؤه) أى أنت الذى تتولى تربيته والقيام بأمره وهذه ولاية الإسلام لا ولاية العتق. واحتجوا بقوله (صلى الله عليه وسلم) : (الولاء لمن أعتق) وهذا ينفى أن يكون الولاء للملتقط؛ لأن أصل الناس الحرية، وليس يخلو اللقيط من أحد أمرين إما أن يكون حرا فلا رق عليه أو يكون ابن أمة قوم فليس لمن التقطه أن يسترقه وبهذا كتب عمر بن عبد العزيز. وقد نزل الله آية المواريث وسمَّى الوارثين، فدل أنه لا وارث غير من ذكر الله فى كتابه، ولو كانت الموالاة مما يتوارث بها وجب إذا ثبتت ألا يجوز نقلها إلى غير من ثبتت له؛ فلما قالوا إنه إذا والى غيره قبل أن يعقل عنه ثم والى غيره وعقل عنه كان للذى عقل عنه؛ علم أن الموالاة لا يجوز أن يتوارث بها. وقال (صلى الله عليه وسلم) : (كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل)