قيل: جماعة الفقهاء لا يجيزون قول عطاء ولا ما روى عن ميمونة وقد احتج مالك فى منع ذلك. قيل له: الرجل يبتاع نفسه من سيده على أنه يوالى من شاء. قال: لا يجوز ذلك؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: (الولاء لمن أعتق) ونهى عن بيع الولاء وهبته، فإذا جاز لسيده أن يشترط ذلك له فإن يأذن له أن يوالى من شاء، فتلك الهبة التى نهى النبى (صلى الله عليه وسلم) عنها. رواه ابن وهب. فإن قال قائل: فما تأويل حديث علىّ على هذا القول؟ نقول: قيل: يحتمل أن يكون منسوخًا بنهيه (صلى الله عليه وسلم) عن بيع الولاء وعن هبته، ويحتمل ألا يكون منسوخًا ويكون تأويله كتأويل قوله تعالى:(ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق)[الإسراء: ٣١] دل ظاهر هذا الخطاب أن النهى عن قتل الأولاد لما اقترن بخشية الإملاق كان قتلهم مباحًا إذا لم يخشى الإملاق، وأجمعت الأمة على أن النهى عن قتلهم عام فى كل حال وإن لم يخش إملاق. وقوله:(وربائبكم اللاتى فى حجوركم من نسائكم)[النساء: ٢٣] ودل ظاهر هذا الخطاب أن شرط التحريم فى الربائب لما اقترن بكونهن فى الحجر دل على زوال تحريمهن إذا لم يكن فى الحجر، وأجمع أئمة الأمصار على أن الربيبة حرام على زوج أمها وإن لم تكن فى حجره فلما لم يكن الحجر شرطًا فى التحريم، ولا ارتفاع خشية الإملاق مبيحة لقتل الأولاد؛ فكذلك لا يكون ترك إذن الموالى فى موالاة غيرهم شرطًا فى