فإن قيل: فقد قال مالك وأبو يوسف والشافعى: إن القذف إذا بلغ إلى الإمام يجوز للمقذوف العفو عنه إن أراد سترًا. قيل له: إن هذه شبهة يجوز بها درء الحد؛ لأنه إن ذهب الإمام إلى حد القاذف خشى أن يأتى بالبينة على صدق ما قال من القذف، فيسقط الحد عنه، وربما وجب على المقذوف فقويت الشبهة فى ذلك. وقد قال مالك أيضًا: إنه لا يجوز عفوه إذا بلغ الإمام. وهو قول أبى حنيفة والثورى والأوزاعى، وهذا القول أشبه بظاهر الحديث. وأجاز أكثر أهل العلم الشفاعة فى الحدود قبل وصولها إلى الإمام. روى ذلك عن الزبير ابن العوام، وابن عباس، وعمار بن ياسر، ومن التابعين سعيد بن جبير والزهرى، وهو قول الأوزاعى. قالوا: وليس على الإمام التجسس عما لم يبلغه. وكره ذلك طائفة: فقال ابن عمر: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله فى حكمه. وفرق مالك بين من لم يعرف منه أذى للناس. فقال: لا بأس أن يشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأما من عرف بشر وفساد فى الأرض فلا أحب أن يشفع له أحد، ولكن يترك حتى يقام عليه الحد. قال ابن المنذر: واحتج من رأى الشفاعة مباحة قبل الوصول إلى الإمام بحديث المخزومية؛ لأنه (صلى الله عليه وسلم) إنما أنكر شفاعة أسامة فى حد قد وصل إليه وعلمه. وفى هذا الحديث بيان رواية معمر عن ابن شهاب:(أن امرأة مخزومية كانت تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبى (صلى الله عليه وسلم) بقطع يدها) وقد تعلق بهذا قوم فقالوا: من استعار ما يجب القطع