أنه سأل أهل العلم ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أظهرهم، وكذلك كان الصحابة يفتون فى زمن النبى (صلى الله عليه وسلم) . وفى سؤاله أهل العلم ورجوعه إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) دليل على أنه يجوز للرجل ألا يقتصر على قول واحد من العلماء. وفيه: أنه جائز للخصم أن يقول للإمام العدل: احكم بيننا بالحق، لأنه قال للنبى (صلى الله عليه وسلم) : اقض بيننا بكتاب الله، وقد علم أنه لا يقضى إلا بما أمره الله، ولم ينكر ذلك عليه النبى (صلى الله عليه وسلم) . وقال الملكان لداود (صلى الله عليه وسلم) فاحكم بيننا بالحق، وذلك إذا لم يرد السائل التعريض. وقوله: وكان أفقههما يعنى والله أعلم لاستئذانه النبى (صلى الله عليه وسلم) فى الكلام وترك صاحبه لذلك تأكيدًا. واختلف العلماء فى تأويل ذلك فقال بعضهم: الرجم فى كتاب الله فى قوله تعالى: (ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله)[النور: ٨] . والعذاب الذى تدرؤه الزوجة عن نفسها باللعان هو الذى يجب عليها بالبينة أو بالإقرار أو بالنكول عن اللعان. وقد بين (صلى الله عليه وسلم) آية الرجم فى الثيب برجم ماعزٍ وغيره. وقال آخرون: الرجم مما نسخ من القرآن خطه وثبت حكمه. وقال غيره: معنى قوله (لأقضين بينكما بكتاب الله) أى بحكم الله وبفرضه، هذا جائز فى اللغة قال تعالى:(كتاب الله عليكم)[النساء: ٢٤] أى حكمه فيكم وقضاؤه عليكم ومنه قوله تعالى: (أم عندهم