يحدث الله له شريعة تنسخها، فرجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اليهوديين على ذلك الحكم، ثم نسخ الله تعالى ذلك بقوله:(واللاتى يأتين الفاحشة (إلى) البيوت. . . . أو يجعل الله لهن سبيلا) [النساء: ١٥] فجعل هذا ناسخًا لما قبله، ولم يفرق فى ذلك بين المحصن ولا غيره، ثم نسخ ذلك بالآية التى بعدها، ثم جعل الله لهن سبيلا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلا؛ البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) ففرق حينئذ بين حد المحصن وغير المحصن. هذا قول الطحاوى، ونزل بعد هذا على النبى (صلى الله عليه وسلم) : (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم)[العنكبوت: ٥١] ، فلم يحكم بعد هذه الآية بين أهل الكتاب إذا تحاكموا إليه إلا بالقرآن، إلا أن العلماء اختلفوا فى أهل الذمة إذا تحاكموا إلينا، فقالت طائفة: الإمام مخير فى ذلك إن شاء حكم بينهم، روى هذا عن ابن عباس، وعطاء، والشعبى، والنخعى، وهو قول مالك، وأحد قولى الشافعى، وجعلوا قوله تعالى:(فاحكم بينهم أو أعرض عنهم)[المائدة: ٤٢] محكمة غير منسوخة. وقال آخرون: واجب على الحاكم أن يحكم بينهم، وزعموا أن قوله تعالى:(وأن احكم بينهم بما أنزل الله)[المائدة: ٤٩] ناسخ للتخيير فى الحكم بينهم. روى هذا عن مجاهد وعكرمة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وقول الشافعى الثانى. وتأول الأولون قوله:(وأن احكم بينهم بما أنزل الله)[المائدة: ٤٩] إن حكمت.