أحدًا أصاب نفسه بشىء عمدًا أو خطأ. هذا قول ربيعة ومالك والثورى وأبى حنيفة والشافعى. وقال الأوزاعى وأحمد وإسحاق: ديته على عاقلته، فإن عاش فهى له وإن مات فهى لورثته، واحتجوا بما روى (أن رجلاً كان يسوق حمارًا، فضربه بعصًا كانت معه، فأصاب عينه ففقأتها، فقضى عمر بديته على عاقلته، وقال: أصابته يد من أيدى المسلمين) . وحديث سلمة بن الكوع حجة للقول الأول؛ لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) لم يوجب له دية على عاقلته ولا غيرها، ولو وجبت على العاقلة لبين ذلك؛ لأن هذا موضع يحتاج إلى بيان بل يشهد له (صلى الله عليه وسلم) أن له أجرين، وأيضًا فإن الدية إنما وجبت على العاقلة تخفيفًا على الجانى فإذا لم يجب على الجانى لأحدٍ شىء لم يحتج إلى التخفيف عنه. وجعلت الدية أيضًا على العاقلة معونة للجانى فتؤدى إلى غيره، فمحال أن يؤدى عنه إليه، والنظر ممتنع أنه يجب للمرء على نفسه دين، ألا ترى أنه لو قطع يد نفسه عمدًا لم تجب فيها الدية فكذلك إذا قتل نفسه. واحتج مالك فى ذلك بقوله تعالى:(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنًا إلا خطأ)[النساء: ٩٢] ولم يقل من قتل نفسه خطأ، وإنما جعل العقل فيما أصاب به إنسانًا إنسانًا، ولم يذكر ما أصاب به نفسه.