فى الإتلاف، بدليل أنه لا يقال: قاتل بعض نفس؛ لأن كل واحد قد حصل من جهته فعل ما يتعلق به خروج الروح عنده، وهذا لا يتبعض لامتناع أن يكون بعض الروح خرج بفعل أحدهم، وبعضها بفعل الباقين، فكان كل واحد منهم قاتل نفس، ومثل هذا لو أن جماعة دفعوا حجرًا، لكان كل واحد منهم دافعًا له؛ لأن الحجر لا يتبعض كما أن النفس لا تتبعض. فإن قيل: إنما قال لكل واحد منهم قاتل نفس كما يقال فى الجماعة: أكلت الرغيف، وليس كل واحد منهم أكل الرغيف كله. قيل: إنما كان هذا؛ لأن الرغيف يتبعض، فصح أن يقال لكل واحد منهم: أكل بعض الرغيف، ولما لم يصح التبعيض فى النفس لم يصح أن يقال قاتل بعض نفس، وقوله تعالى:(النفس بالنفس)[المائدة: ٤٥] الألف واللام للجنس فتقديره: الأنفس بالأنفس، وكذلك قوله:(الحر بالحر)[البقرة: ١٧٨] تقديره: الأحرار بالأحرار. فلا فرق بين جماعة قتلوا واحدًا أو جماعة، وأما القود من اللطمة وشبهها، فذكر البخارى عن أبى بكر الصديق وعمر وعلى وابن الزبير أنهم أقادوا من اللطمة وشبهها، وقد روى عن عثمان وخالد بن الوليد مثل ذلك، وهو قول الشعبى وجماعة من أهل الحديث، وقال الليث: إن كانت اللطمة فى العين فلا قصاص فيها للخوف على العين ويعاقبه السلطان، وإن كانت على الخد ففيها القود. وقالت طائفة: لا قصاص فى اللطمة. فروى هذا عن الحسن وقتادة، وهو قول مالك والكوفيين والشافعى.