فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقَالَ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، قَالَ: فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلا، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّأْمِ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلا آخَرَ فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِى الْمَقْتُولِ، فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ، قَالُوا: فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ، فَدَخَلُوا فِى غَارٍ فِى الْجَبَلِ، فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمَاتُوا جَمِيعًا، وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ، وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ، فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِى الْمَقْتُولِ، فَعَاشَ حَوْلا، ثُمَّ مَاتَ، قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُالْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، أَقَادَ رَجُلا بِالْقَسَامَةِ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا، فَمُحُوا مِنَ الدِّيوَانِ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّأْمِ) . اختلف العلماء فى الحكم بالقسامة، فقالت طائفة: القسامة ثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يبدأ فيها المدعون بالأيمان، فإن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعى عليهم خمسين يمينًا وبرءوا، هذا قول أهل المدينة: يحيى بن سعيد، وأبى الزناد، وربيعة، والليث، ومالك، والشافعى، وأحمد وأبى ثور. واحتجوا فى ذلك بما رواه البخارى فى كتاب الجزية والموادعة عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبى حثمة قال:(انطلق عبد الله بن سهل ومُحيِّصة بن مسعود بن زيد إلى خيبر، وهى يومئذ صلح، فتفرقا، فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط فى دمه قتيلا، فدفنه ثم قدم المدينة، فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) فذهب عبد الرحمن