للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واليمين على من أنكر إلا فى القسامة) فتبين أن اليمين فى القسامة لا يكون فى جهة المدعى عليه، وقد احتج مالك فى الموطأ لهذه المقالة بما فيه الكفاية، فقال: إنما فرق بين القسامة فى الدم والأيمان فى الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه فى حقه، وأن الرجل إذا قتل الرجل لم يقتله فى جماعة من الناس وإنما يلتمس الخلوة، فلو لم تكن القسامة إلا فيما تثبت فيه البينة، وعمل فيها كما يعمل فى الحقوق هلكت الدماء، واجترأ الناس عليها إذا عرفوا القضاء فيها. ولكن إنما جعلت القسامة إلى ولاة المقتول يبدءون بها ليكف الناس عن الدم وليحذر القاتل أن يؤخذ فى مثل ذلك بقول المقتول، وهذا الأمر المجتمع عليه عندنا، والذى سمعت ممن أرضى، والذى اجتمعت عليه الأئمة فىالقديم والحديث أن يبدأ المدعون. فإن قالوا: إن النبى (صلى الله عليه وسلم) إنما قال: (أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم) على وجه الاستعظام لذلك والإنكسار عليهم والتقرير، لا على وجه الاستفهام لهم. فالجواب: أنه لا يجوز أن يزيد الإنكار عليهم أصلا وذلك أن القوم لم يطلبوا اليمين فينكر ذلك عليهم. وإنما ادعّوا الدم فبدأهم وقال لهم (صلى الله عليه وسلم) (أتحلفون) فعلم أنه شرع لهم اليمين؛ وعلق استحقاق الدم بها، فإنما كان يكون منكرًا عليهم لو بدءوا وقالوا: نحن نحلف. وأما الذين أبطلوا الحكم بالقسامة فإنهم ردوها بآرائهم لخلافها عندهم قوله (صلى الله عليه وسلم) : (البينة على المدعى واليمين على المدعى

<<  <  ج: ص:  >  >>