عند فلان. وقد تقدم فى باب من قتل بحجر أو بعصا، وقوم أوجبوا القسامة والدية بوجود القتيل فقط، واستغنوا عن مراعاة قول المقتول وعن الشاهد، وهذا قول الثورى والكوفيين، ولا قسامة عندهم إلا فى القتيل يوجد فى المحلة خاصة، قالوا: فإذا وجد قتيلاً فى محلة قوم وبه أثر؛ حلف أهل الموضع أنهم لم يقتلوه، ويكون عقله عليهم، وإذا لم يكن به أثر لم يكن على العاقلة شىء وهذا لا سلف لهم فيه. وحديث يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار خلاف قول الكوفيين؛ لأن النبى لم يحكم على اليهود بالدية بنفس وجود القتيل فى محلتهم، ولم يطالبهم بها بل أداها من عنده، ولو وجبت الدية على أهل المحلة لأوجبها (صلى الله عليه وسلم) على اليهود، وأما اشتراطهم أن يكون به أثر فليس بشىء؛ لأنه قد يقتل بما لا أثر به. قال ابن المنذر: والعجب من الكوفيين أنهم ألزموا العاقلة مالا بغير بينة ثبتت عليهم ولا إقرار منهم، ثم أعجب من ذلك إلزامهم العاقلة جناية عمد لا تثبت ببينة ولا إقرار؛ لأن الدعوى التى ادعاها المدعى لو ثبتت البينة لم يلزم ذلك العاقلة فكيف يجوز أن يلزموه بغير بينة والخطأ محيط بهذا القول من كل وجه. وذهب مالك والليث والشافعى إلى أن القتيل إذا وجد فى محلة قوم فهو هدر، لا يؤخذ به أقرب الناس دارًا ولا غيره؛ لأن القتيل قد يقتل ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به، فلا يؤخذ أحد بمثل ذلك، وقد قال عمر بن عبد العزيز: هذا مما يؤخر فيه القضاء حتى يقضى الله يوم القيامة.