آخر ولا بينة له؛ فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، فإن حلف برئ، وإن لم يحلف ردت اليمين على المدعى فإن حلف استحق، وإن لم يحلف فلا شىء له، روى هذا عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وهو قول شريح والشعبى والنخعى، وبه قال مالك والشافعى وأبو ثور. وذهب الكوفيون أن المدعى عليه إن لم يحلف لزمه الحق ولا ترد اليمين على المدعى، وكان أحمد لا يرى رد اليمين، وحجتهم فى ذلك أن النبى (صلى الله عليه وسلم) حكم بالبينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، فلما لم يجز نقل حجة المدعى وهى البينة عن الموضع الذى جعلها فيه النبى (صلى الله عليه وسلم) إلى جهة المدعى عليه كذلك لم يجز نقل حجة المدعى عليه وهى اليمين إلى المدعى؛ لأن قوله اليمين على المدعى عليه إيجاب عليه أن يحلف، فإذا امتنع مما يجب عليه أخذه الحاكم بالحق، هذا قول ابن أبى ليلى وغيره من أهل العلم، واحتج أهل المقالة الأولى بحديث القسامة، وقالوا: إن النبى (صلى الله عليه وسلم) جعل اليمين فى جهة المدعى بقوله للأنصار: (تحلفون وتستحقون دم صاحبكم) فلما أبوا حولها إلى اليهود ليبرءوا بها، فلما وجدنا فى سنته (صلى الله عليه وسلم) أن المدعى قد تنقل إليه اليمين فى الدماء وحرمتها أعظم؛ جعلناها عليه فى الحقوق لنأخذ بالأوثق. قال ابن القصار: والمدعى عليه إذا نكل عن اليمين ضعفت جهته، وصار متهمًا، وقويت جهة المدعى؛ لأن الظاهر صار معه، فوجب أن تصير اليمين فى جهته لقوة أمره. وقد احتج الشافعى على الكوفيين فقال: رد اليمين فى كتاب الله تعالى فى آية اللعان أيضًا، وذلك أن الله جعل اليمين على الزوج