وروى ابن عبد الحكم، عن مالك أن عليه القود، واحتج الشافعى بأن النبى (صلى الله عليه وسلم) قام إلى الذى اطلع عليه بالمدرى وقال: (لو أعلم أنك تنتظرنى لفقأت عينك) ومثله (صلى الله عليه وسلم) لا يقول ما لا يجوز له أن يفعله، ومن فعل ما يجوز له لم يجب عليه قود. واحتج المالكيون بقوله تعالى:(والعين بالعين)[المائدة: ٤٥] وقوله: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)[النحل: ١٢٦] قالوا: وهذه النصوص تدل على أن قوله: (لو أعلم أنك تنتظرنى لطعنت به فى عينك) إنما خرج منه على وجه التغليظ والزجر لا على أنه حكم وهذا كقوله (صلى الله عليه وسلم) : (ومن قتل عبده قتلناه، ومن جدعه جدعناه، ومن غل فأحرقوا رحله واحرموه سهمه) ومثل ما هم بإحراق بيوت المتخلفين عن الصلاة ولم يفعل. ومما يدل على أن الحديث خرج على التغليظ إجماعهم لو أن رجلا اطلع على عورة رجل أو سوءته أو على بيته، أو دخل داره بغير إذنه أنه لا يجب عليه فقء عينه، وهجوم الدار أشد عليه وأعظم أيضًا، فلو وجب فقء عينه لاطلاعه لوجب عليه ذلك بعد انصرافه؛ لأن الذنب والجرم الذى استحق ذلك من أجله قد حصل، وقد اتفقوا على أن من فعل فعلا استحق عليه العقوبة من قتل أو غيره أنه لا يسقط عنه، سواء كان فى موضعه أو قد فارقه. وقد روى عن أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) أنهم تواعدوا بما لم ينفذوه فروى الزهرى، عن عمر ابن الخطاب أنه قال لقيس بن مكسوح المرادى: (نبئت أنك تشرب الخمر. قال: والله يا أمير المؤمنين لقد